ما
حدث يوم 20 يونيو 1981 بأحياء الدار البيضاء عقب الإضراب الوطني الذي دعت
إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الاشتراكي كان فظيعا بكل
المقاييس.
آنذاك
أعطى إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق، أوامره للقوات الأمنية
والعسكرية لحرق الأرض ودكها فوق قاطنيها وتحويل أحياء مثل سيدي البرنوصي
والحي المحمدي وعين السبع وابن امسيك وحي الفرح إلى معتقلات مفتوحة
للتعذيب والقتل بأبشع الطرق والتنكيل بالأبرياء والشيوخ والعجزة واقتحام
المنازل وجر أحيائها، مثل النعاج، وشحنهم في شاحنات البلدية إلى المجهول،
وفي أحسن الأحوال تفريغهم في الغرف الضيقة للمقاطعات التي قضى فيها عشرات
الضحايا خنقا.
كانت الصورة بشعة، غارقة في الدم والإجرام عن سبق إصرار وترصد، موغلة في الفداحة والقذارة وأنواع الانتهاكات الجسيمة وغير الجسيمة وكل ما يرتبط بها من مفردات ومعاجم الخزي والعار التي ستظل تطارد المغرب إلى عشرات العقود المقبلة.
كان المشهد أقرب إلى عملية تطهير غير معلنة، فقط لأن "الجياع" اختاروا، هذه المرة، توديع محراب الصمت والخروج إلى الشوارع طلبا لكسرة خبز بعد أن شبعوا وعودا وخطابات، وأصاب التقشف الميزانيات الاجتماعية وأصيبت صناديق الموازنة والمقاصة بالتشقق وأعطاب السياسات الاقتصادية والمالية التي كانت تفوح منها روائح كريهة لعمليات التهريب والمخدرات والفساد المالي وتسمين بورجوازية احتكارية وانتهازية ناشئة أتت على الأخضر واليابس ووضعت البلد برمته على حافة الانهيار والفتنة.
1981، سنة فارقة في تاريخ المغرب، تحولت فيها الدولة إلى ناقة جافلة تخبط خبط عشواء في جميع الاتجاهات، وكان منتظرا أن تقابل أي رد فعل من طرف المجتمع على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الكارثية بوابل من الرصاص الحي والقتل والقمع المفرط المؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وإطلاق العنان إلى الاعتقالات العشوائية وتسخير القضاء لإصدار أحكام بعشرات السنين على شباب في مقتبل العمر، أغلبهم، وجد نفسه في زنازين للاعتقال والاختناق ولم "يعمل لا بيده ولا برجله".
وحين تأكد إدريس البصري أن الأمن استتب في الشارع والفضاءات العامة بالطريقة الوحشية التي رآها مناسبة، خرج مبتسما على نواب الأمة يزف لهم الخبر، واصفا الضحايا والشهداء بـ"شهداء كوميرا"، في ما يشبه التهكم والتحقير من مطلب مشروع يتعلق بتوفير المواد الغذائية الأساسية، وضمنها الخبز، بأسعار لا تشتم منها رائحة الشواط.
وبسبب "سحر" وزير الداخلية، آنذاك، على الطبقة السياسية وبعض النخب الإعلامية، تحولت أحداث 20 يونيو، على مدى سنوات، إلى "طابو" جديد في المغرب، إذ كان مجرد التداول فيه يعني التشكيك في رواية الدولة التي حسمت الموضوع وأدخلت من أسمتهم "المشاغبين" و"المتمردين" و"المخربين" و"ذوي السوابق" إلى السجون والمعتقلات.
وحتى حين اضطر زملاء إدريس بنزكري للتفتيش في الملف، ضمن أشغال هيأة الإنصاف والمصالحة، تعمد البعض أن يقول نصف الحقيقة فقط، وتجنب الاستماع العمومي إلى الشهود والضحايا وذوي الحقوق لسرد المشاهدات الفظيعة ورفع ستار الصمت على الأساليب الفادحة التي اعتمدها نظام الملك الراحل في قمع احتجاجات ومظاهرات شعبية أغلبها كان سلميا مؤطرا من طرف هيآت نقابية وحزبية معروفة.
إن الضحايا، الذين ما فتئوا يسجلون ملاحظاتهم على تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الخاص بتفعيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة في شق ملف أحداث 20 يونيو 1981، هم أنفسهم الذين يطالبون بالكشف عن حقيقة ما جرى في ذلك اليوم الأسود، لمعرفة من أصدر التعليمات باستعمال العنف المفرط في حق مواطنين عزل مارسوا حقهم في التظاهر في الشارع والمسؤول المباشر عن تلك الأحداث من ألفها إلى يائها، والكشف عن مقابر جماعية أخرى، غير مقبرة ثكنة الوقاية المدنية بالحي المحمدي، وأساسا الكشف عن نتائج التحليلات الجينية لتحديد هوية الضحايا، باعتبار ذلك “يشكل أحد المنافذ المؤدية فعليا إلى الطي النهائي لصفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، حسب تعبير أحد هؤلاء الضحايا.
كانت الصورة بشعة، غارقة في الدم والإجرام عن سبق إصرار وترصد، موغلة في الفداحة والقذارة وأنواع الانتهاكات الجسيمة وغير الجسيمة وكل ما يرتبط بها من مفردات ومعاجم الخزي والعار التي ستظل تطارد المغرب إلى عشرات العقود المقبلة.
كان المشهد أقرب إلى عملية تطهير غير معلنة، فقط لأن "الجياع" اختاروا، هذه المرة، توديع محراب الصمت والخروج إلى الشوارع طلبا لكسرة خبز بعد أن شبعوا وعودا وخطابات، وأصاب التقشف الميزانيات الاجتماعية وأصيبت صناديق الموازنة والمقاصة بالتشقق وأعطاب السياسات الاقتصادية والمالية التي كانت تفوح منها روائح كريهة لعمليات التهريب والمخدرات والفساد المالي وتسمين بورجوازية احتكارية وانتهازية ناشئة أتت على الأخضر واليابس ووضعت البلد برمته على حافة الانهيار والفتنة.
1981، سنة فارقة في تاريخ المغرب، تحولت فيها الدولة إلى ناقة جافلة تخبط خبط عشواء في جميع الاتجاهات، وكان منتظرا أن تقابل أي رد فعل من طرف المجتمع على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الكارثية بوابل من الرصاص الحي والقتل والقمع المفرط المؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وإطلاق العنان إلى الاعتقالات العشوائية وتسخير القضاء لإصدار أحكام بعشرات السنين على شباب في مقتبل العمر، أغلبهم، وجد نفسه في زنازين للاعتقال والاختناق ولم "يعمل لا بيده ولا برجله".
وحين تأكد إدريس البصري أن الأمن استتب في الشارع والفضاءات العامة بالطريقة الوحشية التي رآها مناسبة، خرج مبتسما على نواب الأمة يزف لهم الخبر، واصفا الضحايا والشهداء بـ"شهداء كوميرا"، في ما يشبه التهكم والتحقير من مطلب مشروع يتعلق بتوفير المواد الغذائية الأساسية، وضمنها الخبز، بأسعار لا تشتم منها رائحة الشواط.
وبسبب "سحر" وزير الداخلية، آنذاك، على الطبقة السياسية وبعض النخب الإعلامية، تحولت أحداث 20 يونيو، على مدى سنوات، إلى "طابو" جديد في المغرب، إذ كان مجرد التداول فيه يعني التشكيك في رواية الدولة التي حسمت الموضوع وأدخلت من أسمتهم "المشاغبين" و"المتمردين" و"المخربين" و"ذوي السوابق" إلى السجون والمعتقلات.
وحتى حين اضطر زملاء إدريس بنزكري للتفتيش في الملف، ضمن أشغال هيأة الإنصاف والمصالحة، تعمد البعض أن يقول نصف الحقيقة فقط، وتجنب الاستماع العمومي إلى الشهود والضحايا وذوي الحقوق لسرد المشاهدات الفظيعة ورفع ستار الصمت على الأساليب الفادحة التي اعتمدها نظام الملك الراحل في قمع احتجاجات ومظاهرات شعبية أغلبها كان سلميا مؤطرا من طرف هيآت نقابية وحزبية معروفة.
إن الضحايا، الذين ما فتئوا يسجلون ملاحظاتهم على تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الخاص بتفعيل توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة في شق ملف أحداث 20 يونيو 1981، هم أنفسهم الذين يطالبون بالكشف عن حقيقة ما جرى في ذلك اليوم الأسود، لمعرفة من أصدر التعليمات باستعمال العنف المفرط في حق مواطنين عزل مارسوا حقهم في التظاهر في الشارع والمسؤول المباشر عن تلك الأحداث من ألفها إلى يائها، والكشف عن مقابر جماعية أخرى، غير مقبرة ثكنة الوقاية المدنية بالحي المحمدي، وأساسا الكشف عن نتائج التحليلات الجينية لتحديد هوية الضحايا، باعتبار ذلك “يشكل أحد المنافذ المؤدية فعليا إلى الطي النهائي لصفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، حسب تعبير أحد هؤلاء الضحايا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire