مسلسل التعمير يهدد بانقراض الأراضي الفلاحية
تعرف
وثيرة التعمير تتزايدا مضطردا سنة بعد أخرى، حيث تتناسل التجزئات السكنية
في مختلف مناطق أجود الأراضي الفلاحية (هضاب سايس، سهول الشاوية والرحامنة،
سهول الغرب وزمور زعير...) بدون اي تخطيط وطني على المدى البعيد يهدف الى
حماية الاراضي الفلاحية الخصبة و توجيه مشاريع التعمير نحو الاراضي الغير
الصالحة للزراعة وتقنين وثيرة التعمير وجعله يرتكز على البناء العمودي بدل
التوسع الافقي السهل و الغير المكلف بالنسبة لشركات البناء. وهذا التخطيط
العمراني يجب، قبل كل شيئ، ان يستجيب فعلا للحاجيات الحقيقية لاسكان الشعب
لا من حيث التكلفة ولا من حيث استعمال المواد المحلية والاقتصادية بدل ان
يصب في خدمة مراكمة الارباح من طرف شركات مغربية واجنبية ولوبيات عقارية
همها الوحيد هو الاغتناء بشكل سريع على حساب تدمير البيئة واستغلال
المواطنين.
فمعدل
مساحة الاراضي الفلاحية الخصبة التي يلتهمها التعمير تقدرحسب الدراسات
بحوالي 4500 هكتار سنويا. والخطيرجدا، ان مافيات العقار وشركات البناء توجه
مشاريعها التعميرية الى اجود الأراضي الفلاحية بحكم أنها مستوية ولا
تتطلب مبالغ كبيرة لتجهيزها واعدادها للبناء السريع. والهدف طبعا هو مراكمة
الأرباح الخيالية في زمن قصير.
واذا
عرفنا ان مساحة اجود الأراضي الفلاحية، اي تلك التي تتميز بتربتها الخصبة و
يتجاوز معدل التساقطات فيها 400 ملمتر في السنة لا تتعدى مليونين و نصف
هكتارتقريبا من اصل 8.7 مليون هكتار كمساحة إجمالية صالحة للزراعة، فإن هذه
المساحة الزراعية الجيدة سيتم التهامها نهائيا خلال حوالي اقل من سبعين
سنة، بمعنى ان الاجيال القادمة في اقل من قرن من الزمن ستفتقد نهائيا لهذا
النوع من الاراضي الفلاحية. و هذه الكارثة تنتظر الأجيال القادمة في
المستقبل القريب ان على مستوى توفير الغذاء للشعب او على المستوى البيئي.
فاذا
كان حاليا حجم العجز من المواد الغدائية الاساسية الضرورية للشعب (حبوب،
سكر، زيوت، لحوم) يتراوح بين 30 و50 في المائة من الحاجيات حسب السنوات و
حسب نوعية المواد فكيف سيكون الوضع بعد خمسين او ستين سنة على سبيل المثال،
علما ان النمو الديمغرافي في المغرب يعرف ارتفاعا متزايدا. ستكون السيادة
الغذائية للشعب المغربي في يد الشركات العابرة للقارات التي تستحوذ على
تجارة المواد الغذائية اكثر مما هو عليه الحال حاليا.
ان
سوق العقار في المغرب تتحكم فيه ،بشكل مطلق، بعض الشركات الكبرى المرتبطة
بالمخزن التي تتلاعب بأسعارالمساكن بحيث تخلق جوا وهميا من العجز والخصاص
الدائم لكي تتمكن من المحافظة على الاسعار عالية في حين ان الدراسات تبين
ان العرض المتوفر حاليا من المساكن يكفي لسد الطلب شريطة نهج سياسة
ديمقراطية وشفافة تهدف بالفعل الى إسكان الشعب وسلك طرق اقتصادية وعقلانية
في عمليات التجهيز والبناء بعيدا عن التبذير الفاحش والفساد المستشري على
مستوى كافة الحلقات الرئيسية و الثانوية لقطاع التعمير والبناء.
ان
النمو الذي يعرفه قطاع البناء والتعمير يشبه السرطان المستشري في كل
المرافق بحيث يشكل مخرجا سهلا للنظام المخزني، اد يمكنه من تحريك عدد كبير
من المهن المختلفة والمتداخلة (معامل الاسمنت والاجورو الصباغة والرخام
والخشب...) بالاضافة الى تشغيل الملايين من العمال، وحيث، بالخصوص يدر
ارباحا طائلة على المافيات المتحكمة في دواليب هدا القطاع الخطير. ان
الارباح التي تجنيها شركات العقار الاجنبية والمغربية هي نتيجة للاستغلال
البشع لمئات الالاف من العمال المياومين الدين يشتغلون في ظروف تشبه اسلوب
العبيد من جهة ومن جهة اخرى نتيجة استنزاف المواطنين البسطاء بواسطة
اخطبوط القروض الطويلة الامد التي ترهن حياتهم وحيات ابنائهم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire