يتحدث رئيس حكومتنا عن الجدية - جدية المعلم والأستاذ وجدية الآباء
والمنظومة ككل- وينسى أن حكومته لم تكن جادة في أي يوم من أيامها في سدة
الحكم أو خارجه، ينسى أن السياسة غير مخلقة ولا علاقة لها بالقيم، بحيث
تكذب على الناس نهاراً جهاراً وتتحجج ب"اللعبة السياسية"، ونحن في ذلك لا
نلومه في شيء، فالنظرية السياسية قد هيمنت على النظرية الأخلاقية مع توجهات
فكر الحداثة، وهو ما يفرض علينا قبول هذا
اللاتوازن، أو بالأحرى تعطيل القيم والأخلاق إذا كنا بالفعل نسعى إلى بناء
دولة حديثة، لكن أن يُطلب من رجل التعليم ومن الآباء التضحية في سبيل
القيم، والقرار السياسي لا يجرؤ على منح أي منهما حقه، باسم الشطارة
والمماطلة السياسية التقشفية، فذاك كيل بمكيالين، علينا ان نمارس اللعبة
السياسية على أصولها الحداثية، فرجل التعليم يحتاج تعويضاً مناسباً يبيع في
مقابله جهده، على سلبيات هذا البيع، بحيث لا يمكن أن نطلب منه التضحية
بجهده مقابل ضيق العيش وخنق كل متنفساته، لقد أصبح رجل التعليم أكبر
المستدينين في مغرب اليوم، بل تجاوز ذلك إلى مد يده في الشارع العام، لأن
سلم الأجور الذي يحكم عليه بالتقيد به، مقيد هو بدوره عن الحركة، وذلك بفضل
قراراتكم الشجاعة سيدي رئيس الحكومة، إذ لو تحركت سلاليم الأجور سيتحرك
معها المردود بالتأكيد، وكذا الأمر بالنسبة للآباء، كيف تطلب منهم الجدية،
وهم أنفسهم ضحايا التهميش في التشغيل، إذا لم يكونوا حملة شهادات عليا فرضت
عليهم سياساتكم الرشيدة القبول بعمل ترقيعي لكسب لقمة عيش محفوفة
بالمجهول، علينا سيدي رجل السياسية أن نلج الحداثة من بابها المتعارف عليه،
وأن نعي أن كل خلل في ولوجه لن يحمل للمغرب سوى مزيد من التخلف الاجتماعي
والسياسي، هذا إن كانت نيتكم إصلاح ما يمكن إصلاحه، وإلا لا نلومك مرة أخرى
إذا كنت تقصد حملة انتخابية سابقة للأوان، فالسياسة تبقى لعبة الكذب
والمغالطات بامتياز، ذلك أنها تفترض في الحاكم أن يكون ثعلباً لتجنب شراك
وفخاخ أعدائه على حد تعبير ماكيافيل.
........................................
........................................
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire