www.saidiffer.blogspot.com

vendredi 5 septembre 2014

توجد بلدة سكورة في عمق جبال الأطلس المتوسط وتبعد عن مدينة صفرو بحوالي 64 كيلومترا بينما تفصلها عن مدينة بولمان الذي تنتمي إلي إدارته الترابية مسافة 30 كيلومترا يعتمد سكان المنطقة على الزراعة و الرعي كمصدر أساسي للعيش أما بالنسبة للتنظيم الاجتماعي فلا زال النسق القبلي سائدا و إن كان قد فقد مقوماته بفعل تقويض نظام الملكية الجماعية للأرض من جهة و تركيز جهاز الدولة لمؤسساته داخل النسق العام لمجال تحكم القبيلة من جهة أخرى و تعاني بلدة سكورة على غرار باقي قرى و حظائر الأطلس المتوسط من كافة صنوف التهميش رغم الإمكانات الطبيعية و البشرية التي تزخر بها و يكفي الإشارة إلى بؤس الخدمات الاجتماعية خاصة تلك المرتبطة بمجال الصحة العمومية ناهيك عن بؤس البنيات التحتية خاصة الشبكة الطرقية بحيث تعيش أغلب الدواوير المحيطة بالبلدة في عزلة تامة عدا بعض المسالك الوعرة والضيقة التي لا تمر منها عادة سوى الحمير والبغال. لبلوغ بلدة سكورة يتعين على المرء حجز تذكرة في وقت مبكر في الحافلة الوحيدة التي تربط بين مدينة صفرو والبلدة حيث يتوجب قطع مسافة 64 كلم عبر طريق جبلية وعرة تتخللها الكثير من المنعرجات الوعرة والحفر والأخاديد العميقة التي رسمتها عوامل الطبيعة المتقلبة هذا فضلا عن بنيتها المتآكلة بسبب رداءة عملية إنشاءها.
عساكر آيت سغروشن وأرضهم المغتصبة : بداية الحكاية
تقديرا وتكريما لهم على مجهودهم في الحرب ضد النازية من جهة ونضالهم ضد الاستعمار من أجل نيل الحرية والاستقلال أصدر محمد الخامس ظهيرا يتم بموجبه فصل قطعة أرضية مساحتها 1400 هكتار عن حكم النظام الغابوي قصد تسليمها لإدارة الأملاك المخزنية من اجل تقسيمها على قدماء عساكر آيت سغروشن حيث جاء في الفصل الأول من الظهير الصادر سنة 1953 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 2015 بتاريخ 26 يناير 1956 ما يلي : “يعلن انه من المصلحة العمومية فصل اثني عشر قطعة أرضية مجموع مساحتها نحو ألف وأربعمائة هكتار (1400هكتار) عن حكم النظام الغابوي قصد تسليمها إلى إدارة الأملاك الخاصة بالدولة الشريفة من اجل إنشاء تجزئة معدة لتنصيب قدماء عساكر آيت سغروشن وتلك القطع هي من غابة وادي كيكو المخزنية من ناحية فاس ومحدودة بخط احمر في التصميم الملحق بأصل ظهيرنا الشريف هذا “.
 كما جاء في الفصل الثاني ما يلي : “يأذن لإدارة الأملاك الخاصة بالدولة الشريفة في أن تتخلى لجماعة قدماء آيت سغروشن عن القطع الأرضية ألاثنتي عشرة المشار إليها في الفصل السابق ذكره بثمن قدره عشرة فرنكات للهكتار أي بثمن إجمالي قدره أربعة عشر ألف فرنك والسلام”. وحرر بالرباط في 10 جمادى الأولى عام 1372 الموافق 26 يناير سنة 1953 . منذ ذلك التاريخ لم يتوقف أصحاب الحق عن المطالبة بحقهم عبر عدة كتابات و شكايات و مراسلات استهدفت كل الأشخاص والجهات التي يفترض أن لها صلة بالموضوع إلى أن استنفذ هذا المنطق قدرته على إثارة القضية وحلها حلا نهائيا .
بعد ذلك لجأت جمعية قدماء عساكر ايت سغروشن باعتبارها أول شخص معنوي يتولى تدبير الملف إلى عرض القضية على العدالة حيث أمضت الجمعية ازيد من عشر سنوات من النضال داخل أروقة محاكم المملكة ليتوجه مجهودها بما يلي : حكمت المحكمة الابتدائية بميسور ومحكمة الاستئناف بفاس لفائدة الجمعية بمقتضى القرار ألاستئنافي عدد 2007/247 بتاريخ 2007/5/16 رفض إدارة الأملاك المخزنية تنفيذ الحكم كما رفضت تنفيذ ظهير 26 يناير 1953 بإتمام عملية التحفيظ وتوقيع عقد التخلي عن العقار . صدر الحكم الابتدائي والقرار ألاستئنافي بعدم وجود صعوبة في التنفيذ (قرار استئنافي عدد 378 بتاريخ 2009/3/16). وبعد أن فرضت عليها المحكمة غرامة تهديدية قدرها 1000 درهم عن كل يوم امتناع عن التنفيذ.
غير أن إدارة الأملاك المخزنية رفضت الاعتراف بشرعية جمعية قدماء عساكر آيت سغروشن كما تبنى المجلس الأعلى الأحكام التي تصدرها المحكمة الإدارية بفاس على غرار الحكم الإداري رقم 100 المرتكز على تعليل غير قانوني وغير واقعي مفاده أن لقدماء عساكر آيت سغروشن شخصين معنويين مختلفين متجاهلة حقيقة أن جماعة قدماء عساكر آيت سغروشن كغيرها من جماعات أو مجموعات المواطنين ليست شخصا معنويا ولا ينظمها أي قانون، ولو كان الأمر خلاف ذلك لما صدر ظهير الحريات العامة لسنة 1958 حول تأسيس الجمعيات. كما تجاهلت المحكمة الفصل 1 من ظهير 26 يناير 1953الذي يتحدث عن قدماء عساكر آيت سغروشن كأفراد لا سبيل أمامهم للدفاع عن حقوقهم سوى تكوين جمعية. صدور حكم نهائي عن محكمة النقض بتاريخ 11 يونيو 2013 تحت عدد 2/312 المؤيد للحكم الابتدائي تحت عدد 42/2007 عبورا بقرار محكمة الاستئناف تحت عدد 10/2011 .وهو الحكم الذي يقضي بتسليم الأراضي المتنازع عليها إلى أصحابها أي قدماء عساكر آيت سغروشن .
تعنت السلطة المحلية في التنفيذ وبداية التصعيد
بصدور الحكم النهائي عن محكمة النقض وهي أعلى هيئة قضائية تكون جمعية قدماء عساكر آيت سغروشن قد استنفذت كافة الخطوات القانونية والإدارية لحل القضية حلا عادلا . لكن يبدو أن “عفاريت” بنكيران و”تماسيحه” تملك القدرة والثقة الكاملة كي تجعل أحكام القضاء المنصفة مجرد حبر على ورق . لذا لم يعد أمام الجمعية من خيار سوى التصعيد .
فكانت أول خطوة هي قرار المكتب المسير بتنظيم وقفة احتجاجية بالرباط أمام مقر إدارة الأملاك المخزنية وهو ما تم بالفعل بتاريخ 05/05/2014 حيث احتشد العشرات نساء ورجالا رافعين شعارات منددة بمسؤولية هذه الإدارة في عرقلة عملية تسليم الأراضي إلى أصحابها بعد ذلك سيتم اقتحام باحة الإدارة لتعلن حالة الطوارئ مع قدوم تعزيزات قمعية ستتوج بدعوة للحوار من طرف الإدارة سيعلن من خلاله مدير الادارة بصريح العبارة بان لوبيا قويا يضغط للتحايل على الملف وعرقلة مساره الطبيعي الشيء الذي عجل بانسحاب وفد الجمعية أمام مبررات المدير الواهية. بعد ذلك جرت سلسلة من الحوارات الماطونية مع عدة جهات منها وزارة الداخلية , وزارة الفلاحة , ديوان المظالم ,فضلا عن إدارة الأملاك المخزنية كما أشرف على أحدها مركز الوسيط لكن النتيجة لم ترقى حصرا لتطلعات وانتظارات الجمعية ومنخرطيها. وفي خطوة تصعيدية أخرى اقتحم المتضررون ضريح محمد الخامس وحضر رؤساء مختلف التشكيلات الأمنية وطالبوا بمقابلة الملك وفي محاولة لفض الاعتصام تدخل مدير الضريح وأعطى المقتحمين وعدا بتبليغ الديوان الملكي بحيثيات القضية وأعطوه رسالة توضح مختلف جوانب القضية وملابساتها كما هددوا بالعودة إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم . بعد عودتهم من العاصمة بدون تحقيق أي تقدم يذكر على مستوى النتائج قرر المكتب الدخول في خطوة تصعيدية تجسدت في اتخاذ قرار خوض اعتصام مفتوح في الأراضي التي سلبت منهم . حيث جاء في ديباجة البيان الذي أصره المكتب ما يلي : “بعد استنفاد جميع الطرق القانونية و نهج الإجراءات و التدابير المعمول بها في هذا الإطار و خوض كل أشكال النضال السلمي و الحضاري و في ظل تعنت السلطات المختصة في التكفل الجدي في تنفيذ منطوق الأحكام و أمام استهتارها بمقتضيات الظهير الشريف و الأحكام القضائية . فقد قررت جمعية قدماء عساكر ايت سغروشن بصفتها المتضرر من هذا الامتناع تنظيم مسيرة سلمية ” تحت شعار : الفاتحون ” بتاريخ 23/08/2014 للاستقرار بأرضنا و استغلال خيراتنا التي تعتبر ملكا لنا كما نص على ذلك الظهير الشريف و الحكم النهائي الصادر بشأنها . كما نود أن نشير أننا لا نعتزم بالهجوم على السكان المتواجدون حاليا بأرضنا كونهم دخلاء و لا تربطهم أي علاقة بجمعيتنا حتى تسوى وضعيتهم من طرف السلطات المختصة و يأخذ الحكم القضائي مجراه لهذا نهيب من الجميع المشاركة و بكثافة فرادى و جماعات نساء و رجال أطفال صغار و شيوخ . نريدها ان تكون ملحمة ايت سغروشن لن نغادر فيها أرضنا بعد يومها … للإشارة الجمعية ستتكلف ببناء الخيام و كل مستلزمات الحياة اليومية…” - يوم السبت 23 غشت 2014 انطلقت مسيرة من مركز سكورة إلى مكان الاعتصام. - قدوم تعزيزات قمعية في نفس اليوم ومرابطتها في مركز سكورة. - الاثنين 25 غشت 2014 انسحاب كلي لقوات القمع ومغادرتها البلدة.
- الثلاثاء 26 غشت 2014 بداية مسلسل الاستفزازات والمناوشات من طرف أشخاص يستغلون هذه الأراضي بموجب عقود استغلال مؤقتة غير شرعية مسلحين بالهراوات ومعززين من طرف عناصر غريبة عن المنطقة , كان يتم ذلك أمام أعين السلطة المحلية وعيونها التي لا تنام . - الأربعاء 27 غشت 2014 تصعيد خطير في المناوشات من طرف نفس العناصر تعامل معه المعتصمون بهدوء تام . - الخميس 28 غشت 2014 وفي حوالي الساعة التاسعة صباحا تعرض المعتصمون للاعتداء بعدما فشلت كل محاولات التهديد والترهيب لثنيهم عن مواصلة اعتصامهم .
وقد أسفر هذا الهجوم عن سقوط أربعة جرحى ضمنهم حالة خطيرة تطلب نقلها إلى المستشفى الجامعي بفاس وللإشارة فان المستوصف المحلي قد تعامل باستهتار مع هذه الحالات ورفض منحهم شواهد طبية تثبت آثار الاعتداء ومدد العجز. أسماء الجرحى وصفتهم : لحسن أوعبد النبي : رئيس الجمعية حمو أعبد النبي : أمين المال علي أوقصو : منخرط محمد بوجبر : منخرط لقد تصدى المعتصمون للاعتداء وأفشلوا مخطط المعتدين لنسف الاعتصام وهنا سيأتي دور جحافل القمع التي قدمت بتعزيزات رهيبة (23 سطافيط ,3 شاحنات , وحافلتان…) وبعد حوار مع مكتب الجمعية لفض الاعتصام بشكل سلمي قرر هذا الأخير وبدعم وضغط من قواعده مواصلة الاعتصام . هنا سيتم التدخل بعنف لفض الاعتصام أسفر عن حالتي اعتقال : يوسف أوقصو : مراسل صحفي لحسن أقصو : منخرط لقد تم إحالة المعتقلين على المحكمة الابتدائية بميسور بتهم مفبركة (اهانة موظف عمومي) ومن المنتظر أن يتم النظر في قضيتهما في محاكمة صورية يوم الخميس 04 شتنبر 2014.
ختــــــام القــــــــول
بين من يملكون الحق بقوة الحق والعدالة والقانون وبين من يغتصبون حقوق الناس بقانون القوة مسنودين في ذلك من طرف ذوي السلطة والنفوذ وسماسرة الانتخابات ممن ينالون حظهم من الوزيعة في شكل ” هدايا عينية والشاحنات المحملة بالزيتون وزيت الزيتون…) بين هذين الوضعين يبقى أفق القضية مفتوح على أسوأ الاحتمالات .

Aucun commentaire: